لماذا يحتاج ترامب إلى استمرار الحديث عن ولايته الثالثة؟
موقع سي ان ان بالعربية -

تحليل بقلم آرون بليك من شبكة CNN

(CNN)--   لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث عن سعيه للفوز بولاية ثالثة في 2028، على الرغم من أن ذلك مخالف للدستور بشكل صارخ.

وبعد أن أشار ستيف بانون، حليف ترامب، الأسبوع الماضي إلى وجود خطة ما لترشح الرئيس الأمريكي مرة أخرى، قلل ترامب من شأن فكرة الترشح لمنصب نائب الرئيس، لكنه ترك خياراته مفتوحة.

وقال ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة عندما سُئل عن هذا الاحتمال: "أود أن أفعل ذلك، لدي أفضل نسب تأييد على الإطلاق"، مدعيًا زورا أن نسب تأييده في استطلاعات الرأي في أعلى مستوياتها، وبعد إلحاح، قال ترامب: "ألا أستبعد ذلك؟ عليكم إخباري".

فما الذي يمكن استخلاصه من تعليقاته الأخيرة غير الملزمة حول هذه المسألة؟.. سيكون من الحماقة رفضها تماما، فهذا رئيس، في نهاية المطاف، يُظهر قلة اهتمام متزايدة بالعوائق القانونية التي تواجهه.

 وهذا أيضًا رئيسٌ حاول، قبل أقل من 5 سنوات، إلغاء انتخاباتٍ بناءً على أكاذيب حول تزوير الانتخابات، واستخف الكثيرون آنذاك بفكرة أن ترامب سيبذل كل هذا الجهد للبقاء في منصبه، وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ على قيام ترامب بأشياء راهن الناس على أنها مجرد تصيّد.

ولكن حتى لو لم يكن لدى ترامب أي خططٍ للترشح لولاية ثالثة في 2028، حين يبلغ من العمر 82عاما، فلديه أسباب كثيرة لمواصلة الحديث عن هذا الاحتمال- حتى أبعد من ولعه بالتصيّد لأن ذلك يُساعده على درء خطر يلوح في الأفق بشكل متزايد: وضعه كرئيس مُهمل.

قد يهمك أيضاً

حتى لو اعتقد الناس بوجود فرصةٍ لبقاء ترامب في منصبه بعد يناير 2029، فهذا يُصبّ في مصلحته ويمكن القول إن هذا الأمر يُهمّ ترامب أكثر من أيّ رئيسٍ عادي، نظرًا لاهتمامه الواضح بمحاولة ترسيخ سلطته.

ويُستخدم مصطلح "البطة العرجاء" غالبًا للإشارة إلى الفترة القصيرة بين الانتخابات وتنصيب الرئيس المنتخب الجديد.

وخلال هذه الفترة، يكون الرئيس المنتهية ولايته حرًا سياسيًا ليحاول القيام بأمور- مثل قرارات العفو المثيرة للجدل- ولكنه أيضًا مقيد سياسيًا لأن الجميع يعلم أنه قصير الأمد ولن يضطر للتعامل معه لفترة أطول.

وينطبق هذا أيضًا بطرق معينة على الرؤساء الذين يقضون فترة ولايتهم الثانية، والذين يُمنعون دستوريًا من الترشح مرة أخرى، مما يعني أن الجميع سيبدأ في النهاية في وضع خطط لواقع لن يشمله.

وكتب عالما السياسة جون سي. فورتييه ونورمان جيه. أورنشتاين لمؤسسة بروكينغز في 2016: "يضمن التعديل الـ22 أن يصبح الرئيس المُعاد انتخابه بطةً عرجاء، مما يُسهم في تقويض مكانة المنصب في نظر مؤسسات واشنطن الأخرى".

وأضاف فورتييه وأورنشتاين أن هذه الديناميكية تُصبح أكثر حدةً مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي- التي، في حالة ترامب، بعد أكثر من عام بقليل- عندما يخسر الحزب الذي يُسيطر على البيت الأبيض عادةً مقاعد.

وكتبا عن المُشرّعين في الكونغرس من حزب الرئيس: " الرغبة في الابتعاد عن الرئيس - وتعميق هذه المسافة إذا واجه استياءً شعبيًا - تتزايد بشكلٍ كبير".

قد يهمك أيضاً

وترامب، كما هو الحال عادةً، حالة خاصة. 

وتبدو فكرة أن الجمهوريين سينأون بأنفسهم عنه حقًا سخيفة، نظرًا لهيمنته على حزبه بشكلٍ لم يفعله سوى عدد قليل من الرؤساء المعاصرين، إن وُجدوا.

لكن ثمة مؤشرات على أن الجمهوريين، وحتى بعض حلفاء الرئيس، يستعدون لواقع سياسي لم يعد يتمحور حول ترامب.

فعلى سبيل المثال، يبدو أن النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين من تحاول شقّ مسار أكثر شعبويةً لحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى في قضايا مثل دعم برنامج الرعاية الصحية (أوباما كير) وملفات جيفري إبستين كما كتب ويل سومر من صحيفة "ذا بولوارك" مؤخرًا عن استعداد بعض المنتمين إلى بيئة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" الإعلامية لما بعد ترامب.

ونظرًا لأن رئاسته غالبًا ما اتسمت بالتقلب الأيديولوجي، فسيكون هناك صراع حول الاتجاه الذي ستسلكه حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" من هنا.

 لنأخذ على سبيل المثال السياسة الخارجية، فمن المؤكد أن ترامب سلك مسارًا أكثر اندمجا في الأزمات الدولية خلال ولايته الثانية مقارنةً ببرنامجه "أمريكا أولًا"، فهل تستمر الحركة في هذا الاتجاه (مثل ماركو روبيو) أم تعود إلى موقف أكثر انعزاليةً من ولايته الأولى (مثل جيه دي فانس)؟ ذكر ترامب كلا الرجلين عندما سُئل عن "الأشخاص الجيدين" الذين يفكر فيهم لترشحهم للحزب الجمهوري في انتخابات 2028.

إن ديناميكية "البطة العرجاء" المحتملة لها أهمية أكبر لدى ترامب من أي رئيس عادي، وذلك لأن قدرته على الاحتفاظ بالسلطة مبنية على مخاوف من استعداده لإجبار منتقديه على دفع الثمن.

 وشهدنا تزايدًا مستمرًا في المؤسسات التي تستسلم ببساطة لترامب بدلًا من خوض معارك قانونية تبدو قابلة للفوز بها.

ولكن ماذا سيحدث عندما تقترب نهاية ولايته ويعلم الناس أنه سيفقد قريبًا سلطته على فرض أجندته؟ عندها، يصبح من الأفضل انتظار رحيله- إن لم يكن الخوف مما قد يحدث عندما تنقلب الأمور، ويمتلك الديمقراطيون السلطة.

إذن، ما يفعله ترامب وحلفاؤه، مثل بانون، هو زرع فكرة في أذهان الناس تقول: ماذا لو لم تكن تعلم حقًا أنه سيرحل في يناير 2029؟، وهذا لا يعني أن هذا مقترح جاد، إنه أمر يصعب تصديق كيف سيحقق ترامب هذا الأمر، حتى لو أراد ذلك.

ولكن من المحتمل أن نكون محكومين بمواصلة سماع هذا الأمر طالما ظلت الفكرة مفيدة لترامب.



إقرأ المزيد