التحالف بقيادة الرياض يهدد الانفصاليين في اليمن بضرب تحركاتهم العسكرية
الزمان -

الرياض (السعودية)-(أ ف ب) – هدد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن السبت بضرب التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من الإمارات، فيما طالب وزير الدفاع السعودي المجلس بتغليب “العقل والحكمة” والانسحاب “سلميا” من محافظتين جنوبيتين سيطر عليهما.

جاءت هذه التصريحات غداة يوم حافل شهد مطالبة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا التحالف بالتدخل عسكريا، وقصفا يٌعتقد أنه سعودي على مواقع للمجلس في محافظة حضرموت الجنوبية، ومطالبةً من واشنطن للأطراف الفاعلة بـ”ضبط النفس”.

وكانت الرياض الداعمة للحكومة المعترف بها طالبت المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات بالانسحاب من مناطق سيطر عليها كانت ضمن دولة اليمن الجنوبي، فيما يرتفع منسوب التوتر في هذا البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية الغارق أصلا في حرب أهلية مدمرة منذ أكثر من 10 سنوات.

وتسعى السعودية والإمارات للظهور بموقف موحد، رغم أن كلا منهما يدعم طرفا مختلفا في التوتر الأخير. وقد أرسلتا هذا الشهر وفدا مشتركا إلى المجلس الانتقالي لمطالبته بسحب قواته من حضرموت والمهرة، علما أن المجلس الانتقالي ممثل في الحكومة المدعومة من الرياض.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) بيانا نقلا عن المتحدث باسم التحالف اللواء تركي المالكي جاء فيه “قوات التحالف تؤكد بأن أي تحركات عسكرية (للمجلس الانتقالي)… سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين” في محافظة حضرموت الجنوبية.

وبعيد ذلك، كتب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، وهو نجل العاهل السعودي الملك سلمان، على منصة اكس “حان الوقت للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة تغليب صوت العقل والحكمة (…) بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية لإنهاء التصعيد وخروج قواتهم من (…) المحافظتين وتسليمها سلميا” للسلطات.

وإذ أقر الأمير خالد بأن “القضية الجنوبية قضية سياسية عادلة لا يمكن تجاهلها”، أكّد أن “الحل العادل للقضية ينبغي أن يتوافق عليه الجميع “من خلال الحوار دون استخدام القوة”.

وكانت الحكومة اليمنية تقدمت مساء الجمعة بطلب للتحالف “باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة” لحماية المدنيين الأبرياء في محافظة حضرموت، على ما أفادت وكالة أنباء “سبأ” الحكومية.

والجمعة، قال المجلس الانتقالي إن التحالف شنّ غارات على مواقع له في حضرموت، وهو ما لم يعلق عليه حتى الآن التحالف أو مسؤولون سعوديون.

– “تجاوز الخطوط الحمراء” –

وسيطر المجلس على أجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية لا سيما حضرموت والمهرة في وقت سابق هذا الشهر. وقال إن العملية تهدف إلى طرد الإسلاميين ووقف عمليات التهريب لصالح المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى.

في مطلع كانون الأول/ديسمبر، وسّع انفصاليو المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرتهم على مناطق واسعة، وقالوا إنهم باتوا يسيطرون على أكثر مساحة ما كان يشّكل دولة اليمن الجنوبي بين العامين 1967 و1990.

لكن توسيع المجلس الانتقالي نطاق سيطرته الميدانية أثار مخاوف من توترات مع فصائل حكومية أخرى، ومن احتمال سعيه للانفصال بهدف إحياء “اليمن الجنوبي” الذي كان مستقلا.

ميدانيا، تظاهر عشرات من رجال القبائل اليمنية السبت في مدينة عدن الجنوبية لمطالبة قادة المجلس الانتقالي بإعلان دولة الجنوب، على ما أوردت قناة عدن المستقلة التابعة للانفصاليين اليمنيين.

وبثت القناة مقاطع لعشرات السيارات عل متنها أشخاص يلوحون بأعلام دولة الجنوب وعلم الإمارات الداعمة للمجلس الانفصالي.

وأفاد الباحث المتخصص في شؤون اليمن والخليج لدى “معهد تشاتام هاوس” في لندن فارع المسلمي لوكالة فرانس برس بأن المجلس الانتقالي قد تجاوز “الخطوط الحمراء” للرياض، محذّرا من أن الوضع قد يتفاقم بسرعة.

وقال “من السيء إهانة السعودية، ولكن الأسوأ من ذلك بكثير هو إهانتها علنا. وهذا ما فعلوه بالضبط”.

ورغم القصف الذي لم يخلف خسائر بشرية، أكد المجلس أن ذلك لن يثني الجنوبيين عن استعادة “كامل حقوقهم”، مبديا انفتاحه على “ترتيبات” أمنية.

ورأى في بيان الجمعة أن القصف “لن يخدم أي مسار تفاهم ولن يثني شعب الجنوب عن المضي نحو استعادة كامل حقوقه”.

وكان التحالف العسكري بقيادة السعودية قد تدخل في 2015 دعما للحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بعد أشهر من استيلائهم على العاصمة صنعاء وهو ما أوقف زحفهم آنذاك للسيطرة على عدن في جنوب اليمن ثم مأرب وتعز.

ويعتقد أنّ التحالف لم ينفذ أي غارات في اليمن منذ التوصل إلى هدنة مدتها ستة أشهر بدأت في نيسان/أبريل 2022 وظلت صامدة إلى حد كبير رغم عدم تجديدها.

من جهة أخرى، قال مسؤول عسكري يمني إن 15 ألف عنصر من القوات المدعومة سعوديا يحتشدون قرب حدود المملكة على تخوم حضرموت والمهرة.

لكنه أكد أنه “لم تصلنا أي تعليمات عن تحرك عسكري نحو المحافظتين”.

– “ضبط النفس” –

وفي بيان سبق التقارير عن الغارات السعودية، أكدت أبوظبي ترحيبها بجهود المملكة “لدعم الأمن والاستقرار”.

ونوّه بيان للخارجية الإماراتية “بالجهود الأخوية التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة لدعم الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية الشقيقة”.

ودعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الجمعة إلى “ضبط النفس”، متجنبا الانحياز لأي طرف بين السعودية والإمارات، الشريكتين الرئيسيتين لواشنطن.

وقال روبيو في بيان “نحض على ضبط النفس ومواصلة الجهود الدبلوماسية بما يفضي للتوصل إلى حل دائم”، مضيفا “نحن ممتنون لشركائنا، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على قيادتهم الدبلوماسية”.

وفي ظل النزاع الدائر منذ العام 2014، بات اليمن ينقسم بين الحوثيين الذين يسيطرون على معظم الشمال، وقوات متفرقة من المجموعات المناهضة لهم، بينها المجلس الانتقالي الجنوبي.



إقرأ المزيد