الزمان - 12/3/2025 1:43:43 AM - GMT (+3 )
فاتح عبد السلام
واهم مَن يظن انّ اللعبة السياسية ستجري كما في كل مرة، حين كان التشكيل الرسمي في العراق مطابق المواصفات والمعايير المقبولة أمريكياً ولو في حدوده الظاهرية العامة، في حين انّ الأيدي التي تلعب في الميدان غير الرسمي، ستبقى حرّة كما ترغب.
هذه المرّة، هناك جدول أعمال أمريكي إسرائيلي للمرة الأولى بحسب مصادر موثوقة، ويقع العراق في مقدمة أولويات هذا الجدول، لذلك لا يمكن أن يكون هذا البلد عامل تخريب لخطة تسعى لوضع جديد في الشرق الأوسط، لاسيما في لبنان كمنطلق بعد انهاء حرب غزة، وحسم الحكم في سوريا خارج المحور الإيراني المعروف.
المطالب باتت محددة من أجل تشخيص الهوية الأساسية التي سيكون عليها العراق كعضو أساس في الشرق الأوسط، إذ لا يمكن أن تكون هناك خطة تسوية منقوصة وعرجاء، وهي عرجاء فعلا من دون وجود العراق، غير انّ هناك قلقا متعدد الجوانب دوليا من احتمال أن تحدث مفاجآت في العراق ويتحول الى الخاصرة الرخوة لعدم الاستقرار بسبب طبيعة الازمات المعقدة بين ايران كقطب إقليمي أساسي وبين الولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها في المنطقة.
غير انّ اللافت هو انتظار الولايات المتحدة فترة ليست قليلة حتى انقضاء دورة حكومية كاملة شهدت الاحداث الكبيرة والساخنة المندلعة في الشرق الأوسط، ومن ثمّ يجري اليوم ربط تنفيذ الاشتراطات البنيوية والجوهرية للانسجام العراقي مع محيطه الإقليمي الجديدة من خلال الحكومة الجديدة قيد التشكيل.
هل هناك تغيير حقيقي من وجهة النظر الامريكية في الأقل، بين الوضع العراقي في الحكومة المنصرمة و”الوضع” خلال الحكومة المقبلة؟
لا توجد اية أساسيات متغيرة، فالأسماء والوجوه والتشكيلات هي على حالها، وانّ العقيدة المحركة للفعل السياسي هي مصدر الخلاف ، كما نفهم ، وانّ التأثير الخارجي هو الحاسم في هذا الامر، ولا اظن انّ أي تشكيل حكومي قادر على احداث تغيير في المسار العام الذي ترسخ في البلد من خلال عنصرين، هما قبول وجود المؤثر الخارجي كلاعب داخلي، وقبول انطلاق لاعبي النفوذ الاقليمي من العراق كمصدر مورد كما في خلال تعبئة المقاتلين العراقيين للمشاركة في حرب اليمن او قبلها حرب سوريا، وزاد الطين بلة ثبوت تورط اعداد كبيرة من العراقيين في القتال الى جانب روسيا في حربها ضد أوكرانيا، ومن الصعب الاعتقاد ان ذلك سيكون منقطعا عما سيحدث في المستقبل تحت عناوين أزمات جديدة. هنا مفهوم السيادة المطعون فيه، لم يكن محل اهتمام أمريكي أو حتى إسرائيلي من قبل، مادام تحت سقف شعارات معروفة لتصدير القتال الى اليمن وسوريا، لكن الحالة اختلفت كثيرا عندما تمس التسوية الجديدة المرتبطة بحالة الاستقرار والنماء في الشرق الأوسط.
أرى انّ هذا التعقيد الكبير سيفضي الى انفراج.. من نوع ما.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
إقرأ المزيد


