خارطة‭ ‬طريق‭ ‬سورية
الزمان -

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬عليه‭ ‬الحكم‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬هو‭ ‬رفض‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬داخلية‭ ‬او‭ ‬خارجية،‭ ‬فحجم‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬بهذا‭ ‬البلد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬يستوعبها‭ ‬أي‭ ‬انسان‭ ‬وتجعل‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬امام‭ ‬مسؤولية‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬النزيف‭ ‬بشجاعة‭ ‬كبيرة‭. ‬والمبدأ‭ ‬السلمي‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬ترجمة‭ ‬لرفض‭ ‬الانتقام‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬مؤيدي‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭. ‬وهذا‭ ‬التصرف‭ ‬صحيح‭ ‬من‭ ‬دمشـق‭ ‬التي‭ ‬أدركت‭ ‬ان‭ ‬فتح‭ ‬جبهة‭ ‬انتقام‭ ‬وتصفية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المظلومية‭ ‬العظيمة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالأكثرية‭ ‬انما‭ ‬هو‭ ‬سلوك‭ ‬ينتمي‭ ‬الى‭ ‬الحقبة‭ ‬الماضية‭. ‬لكن‭ ‬المشكلات‭ ‬الماثلة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬كبيرة،‭ ‬وهناك‭ ‬تجييش‭ ‬إقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬ازاءها،‭ ‬وانّ‭ ‬أي‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬غير‭ ‬منضبطة‭ ‬ستقود‭ ‬الى‭ ‬كارثة‭.‬

مشكلة‭ ‬قسد‭ ‬مرتبطة‭ ‬بملفات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬حلا‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬اذا‭ ‬تم‭ ‬الاقتناع‭ ‬انها‭ ‬مشكلة‭ ‬قابلة‭ ‬للحل‭ ‬المحلي‭ ‬بحسب‭ ‬معطيات‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد‭ ‬وهذا‭ ‬يوفر‭ ‬ضمانات‭ ‬جدية‭ ‬في‭ ‬الاستقرار‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عوامل‭ ‬خارجية،‭ ‬مع‭ ‬احترام‭ ‬جميع‭ ‬المكونات‭.‬

وكان‭ ‬قد‭ ‬وقَّع‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬وقائد‭ ‬‮«‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية‮»‬‭ ‬مظلوم‭ ‬عبدي‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬مارس‭ (‬آذار‭) ‬الماضي‭ ‬اتفاقاً‭ ‬يقضي‭ ‬بدمج‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬المدنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬التابعة‭ ‬للإدارة‭ ‬الذاتية‭ ‬الكردية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الدولة‭ ‬السورية‭.‬

لكن‭ ‬عملياً‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الخطوات‭ ‬الملموسة‭ ‬غير‭ ‬متحققة،‭ ‬وهناك‭ ‬اجتماعات‭ ‬سورية‭ ‬تركية‭ ‬عليا‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.‬

‭ ‬ثمة‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬الحوار،‭ ‬لتشترك‭ ‬فيها‭ ‬النخب‭ ‬السورية‭ ‬قبل‭ ‬السياسيين‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬بث‭ ‬روح‭ ‬الاطمئنان‭ ‬والتراضي،‭ ‬ففي‭ ‬النهاية‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الأجنبية‭ ‬ستغادر‭ ‬سوريا‭.‬

‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الحلول‭ ‬السلمية‭ ‬الى‭ ‬اقصى‭ ‬نقطة،‭ ‬سيذلل‭ ‬جميع‭ ‬المحطات‭ ‬الصعبة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الطريق‭ ‬طويلا‭ ‬،‭ ‬غير‭ ‬ان‭ ‬الأقليات‭ ‬الصغيرة‭ ‬الأكثر‭ ‬اندماجا‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬السوري‭ ‬الجديد‭ ‬ستكون‭ ‬هي‭ ‬الرابحة‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬صاحبة‭ ‬المبادرة‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬السوري‭ ‬هناك‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬اتفاق‭ ‬العام‭ ‬1974‭ ‬جانبا،‭ ‬وتتفاوض‭ ‬على‭ ‬صيغة‭ ‬جديدة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاق‭ ‬مكفول‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭.

fatihabdulsalam@hotmail.com

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

مشاركة


إقرأ المزيد