الزمان - 5/2/2025 1:48:04 AM - GMT (+3 )

دمشق (أ ف ب) – أكدت المراجع الدينية والفصائل العسكرية الدرزية الخميس انها “جزء لا يتجزأ” من سوريا التي ترفض “الانسلاخ” عنها، بعيد اشتباكات ذات طابع طائفي اوقعت أكثر من مئة قتيل يتوزعون بين مسلحين دروز من جهة وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة من جهة أخرى ومدنيين بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واندلعت هذه اشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء قرب دمشق على خلفية طائفية بعيد انتشار تسجيل صوتي نُسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد، تعذر على وكالة فرانس برس التحقق من صحته.
وجاء التصعيد حيال الدروز بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر
واثر اجتماع في مدينة السويداء ليل الخميس ضم مشايخ عقل الطائفة وأعيانها وفصائلها المسلحة، تم الإعلان عن خارطة طريق على وقع الاحداث الدامية الأخيرة. وقال متحدث باسم المجتمعين “نؤكد على مواقفنا الوطنية الثابتة…وأننا جزء لا يتجزأ من الوطن السوري الموحد”، مضيفا “نرفض التقسيم او الانسلاخ أو الانفصال”.
ودعا في الوقت نفسه الى “تفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في محافظة السويداء من أبناء المحافظة”.
وتزامنت مطالب دروز السويداء مع اعلان السلطات السورية التوصل إلى اتفاق مع ممثلين عن مدينة جرمانا.
وأعلن مدير مديرية أمن ريف دمشق المقدم حسن الطحان لوكالة الأنباء السورية الرسمية سانا أن الاتفاق ينص “على تسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات إدارة الأمن العام في المدينة”.
وتأتي هذه الخطوات نحو التهدئة بعد ساعات من وصف الشيخ حكمت الهجري الذي يعد أبرز القادة الروحيين لدروز سوريا، في بيان ما شهدته منطقتا جرمانا وصحنايا قرب دمشق في اليومين الاخيرين بأنه “هجمة إبادة غير مبررة” ضد “آمنين في بيوتهم”.
وقال “لم نعد نثق بهيئة تدعي انها حكومة.. لأن الحكومة لا تقتل شعبها بواسطة عصاباتها التكفيرية التي تنتمي اليها، وبعد المجازر تدعي أنها عناصر منفلتة”، معتبرا أنه على الحكومة أن “تحمي شعبها”.
وشدد على أن “القتل الجماعي الممنهج” يتطلب “وبشكل فوري أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم ولمنع استمرار هذه الجرائم ووقفها بشكل فوري”.
وجاءت مواقف الهجري الذي يعد أحد مشايخ العقل الثلاثة في سوريا، غداة اعلان السلطات السورية نشر قواتها في صحنايا لضمان الأمن، متهمة “مجموعات خارجة عن القانون” بالوقوف خلف الاشتباكات التي وقعت فيها بعدما هاجمت قوات الأمن.
– “مزيد من الانقسام” –
وفي منشورات على منصة أكس، ندّد وزير الخارجية أسعد الشيباني الخميس بمطلب التدخل الدولي، مؤكدا أن “الوحدة الوطنية هي الأساس المتين لأي عملية استقرار أو نهوض”.
واعتبر أن “أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام”.
وكانت الخارجية السورية أكدت الأربعاء “رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية”.
وجاء ذلك إثر شنّ اسرائيل ضربات في محيط صحنايا، استهدفت وفق محافظ دمشق عامر الشيخ دورية للأمن العام، ما اسفر عن مقتل أحد عناصرها ومدني. وكان رئيس أركان الجيش الإسرائليي أمر وحداته بـ”الاستعداد لشن ضربات ضد أهداف تابعة للحكومة السورية في حال استمر العنف ضد المجتمعات الدرزية”.
ويتوزّع الدروز بين لبنان وسوريا وإسرائيل والجولان المحتل.
وشنّت إسرائيل منذ إطاحة الأسد، مئات الضربات ضد الترسانة العسكرية السورية ونفذت عمليات توغل في جنوب البلاد. ودعت السلطة الانتقالية مرارا المجتمع الدولي للضغط على الدولة العبرية للانسحاب ووقف القصف والغارات.
وعلى وقع الاشتباكات، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء “نقل رسالة حازمة إلى النظام السوري” مفادها أن “إسرائيل تتوقع منهم التحرك لمنع الإضرار بالطائفة الدرزية”.
وجدّدت اسرائيل الخميس تهديداتها، إذ حذّر وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان من أنه “إذا استؤنفت الهجمات على الدروز وفشل النظام السوري في منعها، فسترد إسرائيل بقدر كبير من القوة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نقل درزيين سوريين جريحين للعلاج.
وبدأت الاشتباكات ليل الاثنين في جرمانا قبل أن تتوسع ليل الثلاثاء الى صحنايا، وهما مدينتنان تقطنهما غالبية مسيحية ودرزية قرب دمشق.
وقال المرصد السوري وسكان دروز إن مقاتلين وعناصر أمن تابعين للسلطة هاجموا المدينتين، على خلفية التسجيل الصوتي، واشتبكوا مع مسلحين دروز في المنطقة.
وأسفرت تلك الاشتباكات عن مقتل 102 شخص، وفق المرصد الخميس، من بينهم 30 عنصرا من قوات الأمن ومقاتلين تابعين لوزارة الدفاع، في مقابل 21 مسلحا درزيا و11 مدنيا.
– قتلى في السويداء –
كما قُتل 40 مسلحا درزيا آخرين في محافظة السويداء، حيث تعرضت قرى الاربعاء لهجمات من مجموعات مسلحة، وفق المرصد.
وقضى 35 منهم جراء “كمين” تعرضوا له أثناء توجههم من السويداء الى صحنايا لدعم المقاتلين الدروز فيها، قبيل توقف الاشتباكات، بحسب المرصد.
وأفادت شبكة السويداء 24 بمقتل “ثلّة من أبناء الجبل على طريق دمشق السويداء بكمين غادر”.
وأعربت الأمم المتحدة الخميس في بيان لمنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى عن “القلق البالغ إزاء التصعيد الأخير للأعمال العدائية في ريف دمشق”، وكذلك إزاء “امتداد أعمال العنف باتجاه محافظة السويداء”.
وإثر إطاحة الاسد الذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، لم تتوصل الفصائل الدرزية المسلحة التي لا تنضوي تحت مظلة واحدة، الى اتفاق كامل مع السلطات الجديدة. لكن مئات المقاتلين من فصيلين رئيسيين انضووا في صفوف الأمن العام ووزارة الدفاع.
ويعدّ بسط الأمن على كامل سوريا من أبرز التحديات التي يواجهها الشرع، مع وجود مناطق لا تزال عمليا خارج سيطرته، على غرار مناطق سيطرة المقاتلين الاكراد في شمال شرق البلاد، رغم توقيع اتفاق ثنائي معهم.
وتعهدت السلطات الجديدة حماية الطوائف كافة وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات في المرحلة الانتقالية.
إقرأ المزيد